كارثة بيئية في البيضاء.. مجاري المدينة تُسكب بمزارع الخضروات
في مشهد صادم أثار استياء واسعًا، كشف مواطنون عن تدفّق مياه الصرف الصحي القادمة من مدينة البيضاء إلى...
على خلاف مزاعم الجماعة الحوثية بتوفير العلاج المجاني في مناطق سيطرتها، تسببت إجراءاتها في طرد عشرات من نزلاء المستشفيات العمومية في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرتها، في حين يواجه المرضى إجراءات تعسفية وفرض رسوم كبيرة على الخدمات الطبية، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطرة يتعرض لها القطاع الصحي.
وذكرت مصادر طبية ومحلية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المشرفين الحوثيين على المستشفيات العمومية لجأوا خلال الأسابيع الماضية إلى إصدار تعليمات للأطباء ومديري الأقسام بتقليص الخدمات الطبية المجانية إلى أدنى الحدود، وعدم التساهل في تحصيل الرسوم أو السماح بتقديم العلاج مجاناً لأي مريض إلا بشروط وتوصيات من شخصيات موالية للجماعة.
ونفت المصادر ادعاءات الجماعة بتقديم خدمات طبية مجانية للسكان في مناطق سيطرتها، مشيرة إلى عدد من الوقائع لطرد مرضى من المستشفيات، أو حرمان مئات المترددين من الدخول إليها بسبب عجزهم عن دفع الرسوم الباهظة، مؤكدة أن جميع الخدمات في المستشفيات العمومية أصبحت برسوم مرتفعة، وأن الجماعة أوقفت جميع الخدمات المجانية.
وخلال الأيام الماضية تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشخص في صنعاء ظهر وهو يبكي بعد عجزه عن شراء جرعة دواء لابنته، عقب إقرار الجماعة إيقاف العلاج المجاني في «مستشفى الشيخ زايد» الذي كان أحد المرافق الطبية الخيرية قبل أن تحوله الجماعة إلى منشأة تجارية تحت اسم «مستشفى فلسطين».
وظهر هذا الفيديو بعد أيام فقط من طرد مريضة من قسم العناية المركزة في «المستشفى الجمهوري» (ثاني أكبر المستشفيات العمومية في صنعاء)، ونقلها على سرير متحرك إلى فناء المستشفى، لتُترك هناك دون عناية طبية.
بينما ادعت الجماعة الحوثية تقديم أكثر من 5 آلاف خدمة طبية مجانية خلال العامين الماضيين في «المستشفى الجمهوري»، وهو ثاني أكبر المستشفيات العمومية في صنعاء، تعرضت مريضة عاجزة عن الحركة للطرد من هذا المرفق الصحي، ومُنح سريرها لمريض آخر بأوامر من الطبيب المناوب.
وتسببت الواقعة بغضب في أوساط السكان، وخصوصاً أن عشرات المرضى كشفوا عن ارتفاع أسعار الخدمات التي تلقونها، مقرونة بسوء المعاملة والاستغلال، وأبدوا مخاوفهم من تحول الخدمات الطبية إلى رفاهية تامة لا يقدر عليها إلا الموالون للجماعة وقلة من السكان في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها البلاد، خصوصاً مناطق سيطرة الجماعة.
وأشارت مصادر طبية إلى أن هذه الواقعة تعبر عن تحول الخدمات الطبية إلى استثمار تجاري في ظل ما يعانيه القطاع الصحي من تدهور وإهمال وسوء إدارة وخصخصة.
وفي يوليو (تموز) الماضي طردت إدارة المستشفى عشرات المرضى، بعدما أوقفت الجماعة خدمات العلاج المجاني، والتي تشمل الكشف الطبي والفحوص والتحاليل والعمليات الجراحية والعلاج الدوائي والتنويم للفقراء ومن لا يملكون تغطية تأمينية.
وفي الوقت الذي تدّعي فيه الجماعة افتتاح عدد من المراكز الطبية والعلاجية المجانية بناء على تعليمات وتوجيهات القيادي مهدي المشاط، رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي (مجلس الحكم الحوثي)، كما تنشر وسائل إعلامها، تقول مصادر طبية إن غالبية المنشآت الطبية الخيرية تحولت إلى استثمارات طبية برسوم باهظة.
ومنذ أعوام أقرت الجماعة تغيير اسم «مستشفى زايد الخيري» الذي أُنشئ في صنعاء قبل انقلاب الجماعة الحوثية بأعوام، بتمويل من «مؤسسة زايد الخيرية»، إلى اسم «مستشفى فلسطين للأمومة والطفولة»، وبدأت برفع أسعار خدماته الطبية المجانية بشكل تدريجي متسارع، حتى تحول إلى منشأة لا يقدر على زيارتها إلا قلة من السكان، بحسب المصادر الطبية.
أوقفت الجماعة الحوثية، أواخر أغسطس (آب) الماضي، مخيماً لمعالجة أمراض العيون للعائلات الفقيرة، خصوصاً مرض المياه البيضاء، في «المستشفى الجمهوري»، بعد أن استولت على الأموال المخصصة لذلك، وأبلغت المرضى الذين كانوا قد سجلوا أسماءهم للعلاج فيه بقرارها قبل أيام فقط من بدء أعماله، واقترحت عليهم التوجه إلى مستشفيات متخصصة.
في غضون ذلك كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، عن ارتكاب الجماعة الحوثية 5423 انتهاكاً ضد القطاع الصحي في اليمن خلال 8 أعوام، بين 2017 و2024، أدت إلى انهيار القطاع الصحي، وحرمت المدنيين من حقهم في الرعاية الصحية، إلى جانب نهب المساعدات الإنسانية لصالح المجهود الحربي.
وتنوعت ممارسات الجماعة ما بين قتل مباشر لأطباء وممرضين ومسعفين، وقصف عشوائي للمستشفيات والمرافق الطبية، واعتقالات وإخفاء قسري للكوادر الصحية، إلى جانب الإعدامات الميدانية، والاعتداءات الجسدية، وإغلاق واقتحام المنشآت الصحية والصيدليات.
وقالت الشبكة إن أعمال القتل طالت 62 عاملاً صحياً، هم 29 طبيباً و14 ممرضاً و19 سائق إسعاف، وأصيب 87 آخرون، فضلاً عن اعتقال واختطاف 167 آخرين، في حين تعرضت المرافق الصحية لـ1240 انتهاكاً، وجرى إغلاق واقتحام 732 مستشفى ومركزاً طبياً، وتدمير 36 مرفقاً صحياً تدميراً كاملاً، في حين طال التدمير الجزئي 229 مرفقاً آخر، بعد تعرضها لهجمات بالمدفعية والصواريخ.
واستولت الجماعة على عشرات المستشفيات والصيدليات، واستخدمت سيارات الإسعاف لأغراض عسكرية، ونهبت المئات من مخازن الأدوية والمعدات الطبية، وتسببت في بطالة مئات الأطباء والعاملين الصحيين، إما بالطرد والفصل التعسفي، أو بالمضايقات المستمرة، أو بتدمير وإغلاق المنشآت التي يعملون فيها.