الرئيس العليمي لا يُجامل أحدًا حين يقول: حضرموت قلب الدولة النابض.

لقاء فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي بأعضاء كتلة حضرموت البرلمانية، ليس مجرد استجابة لمطالب خدمية أو استحقاقات مناطقية، بل هو تموضع سياسي واعٍ في لحظة دقيقة، يُعيد من خلالها الرئيس التأكيد على نمط الحكم الجديد الذي يوازن بين المركزية الوطنية والاستماع المسؤول لمطالب المحافظات، وفي مقدمتها حضرموت.

1. رسالة احترام لا تُخطئها العين

الرئيس لم يستدعِ كتلة حضرموت ليستمع وحسب، بل فتح أمامهم قنوات مشاركة في الرقابة، وصناعة القرار، والتقييم، والمتابعة. وهذا انتقال مهم من منطق "التطمين" إلى "التمكين"، ومن "الوعد" إلى "الاعتراف الكامل بالشراكة".

2. حضرموت في قلب المشروع الوطني

حديث الرئيس عن حضرموت بأنها "قاطرة الدولة والتنمية والسلام" ليس توصيفًا عابرًا، بل ترميز سياسي له أبعاده، يؤكد أن حضرموت ليست مجرد محافظة تطالب بحقوق، بل هي عمود ارتكاز في بناء اليمن الاتحادي المنشود، وفي الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي لليمن والمنطقة.

3. الملف الخدمي في صدارة الأولويات

تأكيد الرئيس على التزام الدولة بتنفيذ مشاريع الكهرباء، واستيعاب أبناء حضرموت في المؤسسات، يُجسد ترجمة حقيقية لمفهوم الدولة العادلة، ويكسر حلقة الوعود المؤجلة. الكهرباء ليست خدمة فحسب، بل عنصر شرعية وكرامة وسيادة في نظر المواطن، وهو ما يدركه الرئيس بعمق.

4. رفض الإقصاء والتهميش

رسالة الرئيس كانت واضحة: لا مجال للإقصاء، لا مكان للتهميش. فدعوة الكفاءات الحضرمية للمشاركة ليست مجاملة، بل جزء من هندسة التوازن الوطني الجديد الذي تسعى القيادة الرئاسية لترسيخه، بما يتماشى مع مبادئ الشراكة الحقيقية.

5. سيادة النظام واحترام التظاهر

الرئيس أدار المعادلة الأمنية بحكمة: التهدئة المنسقة، دعم الأجهزة الأمنية، احترام حق التظاهر السلمي. أي أنه يرفض الفوضى لكنه لا يصادر الغضب الشعبي. يطلب النظام، لكنه لا يُخيف الناس من حقوقهم. وهذه قيمة سياسية راقية في زمن الانقسامات والميليشيات.

6. رسائل تقدير واضحة للأشقاء

إشادة فخامته بدور السعودية والإمارات لم تأتِ في سياق مجاملة دبلوماسية، بل في إطار رؤية تنموية شاملة ترى في دعم الأشقاء عنصرًا أساسيًا في الاستقرار المحلي، وخاصة في حضرموت التي تحظى بأولوية إقليمية بسبب موقعها وأهميتها الاقتصادية.


خلاصة التحليل:
الرئيس العليمي لا يُجامل أحدًا حين يقول: حضرموت قلب الدولة النابض. 
لا يتعامل مع حضرموت كـ"ملف"، بل كـ"شريك".
ولقاء اليوم ليس استجابة لضغط، بل رسالة سيادية واعية بأن الدولة حاضرة، والإصلاح ماضٍ، والشراكة أساس، والأقاليم قوة للدولة لا تهديد لها.
إنه لقاء إعادة الثقة بالحكم الوطني، وتثبيت لحقيقة أن اليمن الجديد يبدأ من حضرموت، ويتسع لكل المكونات، ضمن دولة قانون ومؤسسات.

ولا يتردد في اتخاذ قرارات صعبة حين يتعلق الأمر بمصالح الناس.
لقاء اليوم مع كتلة حضرموت البرلمانية لم يكن مجرد محطة سياسية، بل علامة فارقة في مسار بناء الثقة، وترسيخ الدولة، وإنهاء التهميش.
رسالة الرئيس كانت ولا تزال:

الشراكة هي الطريق، والإصلاح هو المعركة، واليمن الاتحادي هو المصير.

عبدالرحمن جناح

مقالات الكاتب