((خطوات خارج قفص التجهيل))(السابعة والستون)
حرب الأخ وأخيه تنتهي عادة بموت الوطن، لذلك على أبناء اليمن أن يواجهوا واقعهم ويقبلوا بالتعايش فيما ب...
لا يجوز الحديث عن التاريخ ما لم يُستحضر الإنصاف والحياد، فكل جهد بشري له ما له وعليه ما عليه. فكل فعل لابد أن يرافقه الإيجاب والسلب، والحياد والإنصاف ضمانات لأي حديث عن أي فعل صار من التاريخ!!
ثورة أكتوبر 1963م خطوة واجتهاد صنعتها ضروريات فرضها المستعمر البريطاني، واجتهد فيها مجموعة من الرجال اختارتهم الأقدار ليديروا عجلة هذا الحدث. وكان لهذه الثورة إيجابياتها التي ليس من الإنصاف تجاهلها، وكذلك لها سلبياتها وأخطاؤها، فهي في الأخير فعل بشري قابل لكل تلك التقلبات!!
لفت نظري مؤخرًا مقال نُشر عن شعار (الرابع عشر من أكتوبر)، والذي أُشير فيه إلى أنه صُنع في صنعاء على يد صائغ يهودي، كما ذكرت السيدة ميساء الرومي المقيمة في إسرائيل، وأن هذا الشعار صُنع من قبل جدها الذي كان من أمهر الصاغة اليمنيين آنذاك في صنعاء.
وأوضحت الرومي أن جدَّها تلقى مهمة خاصة من أحد المسؤولين اليمنيين في صنعاء، تمثلت بتكليفه بصناعة هذا الشعار، وأنه أنجز منه نسختين احتفظ بإحداهما. وأكدت أن القطعة النادرة مصنوعة من الذهب الخالص، وأن هذا الشعار ليس مجرد قطعة ذهبية بل ذاكرة وطنية، وأن جدَّها صاغه بحرفية عالية.
ومثل هذه الأحاديث في ظل هجمات التشويه والإساءة ضد كل تاريخنا، وفي ظل حمى الاستثمار غير الوطني لهذا التاريخ، وفي خضم ضجيج التسبيح بحمد المشروع الصهيوني الذي يجتاح المنطقة ويقود الجميع إلى مستنقع التطبيع والاستسلام، يحتاج مثل هذا الكلام إلى التأكد من صحته. ولذلك، فقد قمنا بالتواصل مع البعض ممن بقي من قادة الثورة والجمهورية في اليمن الديمقراطية، الذين أكدوا عدم صحة هذا الحديث، وأضافوا بأن ذلك لم يكن شعارًا، بل وسامٌ لثورة الرابع عشر من أكتوبر، صُنع عددٌ كبيرٌ منه في سبعينيات القرن الماضي، وكان يُمنح لكبار المناضلين والمسؤولين والضيوف تكريمًا لدورهم في النضال ودعمهم للثورة والدولة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وكان يُعتبر أرفع وسام في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وعلى أبناء اليمن كافة التصدي لمثل هذه الإساءات التي تنال تاريخ آبائهم وأجدادهم، سواء اختلفوا مع هذا التاريخ أو اتفقوا معه. فالذين يحاولون الإساءة إلى هذه الثورة وتاريخها، والترويج لمثل هذه المزاعم باللغة العبرية أو بغيرها من اللغات، يعلمون جيدًا أن الشعب اليمني واعٍ لمثل هذه الأساليب التي تبدأ عادةً بالحديث عن الوسام والشعار وتوظيف اختلاف وجهات النظر، وتنتهي بالتسويق لمحاولات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني في الجنوب، خاصةً واليمن عمومًا.
وقد أكد اليمنيون قولًا وفعلاً أمس واليوم وغدًا، وأكثر من مرة أن التطبيع مع الصهاينة لن يتحقق إلا بعد أن يرتفع علم اليمن إلى جانب العلم الفلسطيني في سماء القدس وسماء الأقصى.
عبد الكريم سالم السعدي
8 أكتوبر 2025م
https://www.facebook.com/share/p/1BHqCnCzJr/